فإنَّ في القلبِ فاقةً لا يسدُّها شيء سوى الله تعالى، أبدًا!.. للإمام ابنِ القيّم


بسم الله الرحمن الرحيم

قالَ الإمامُ ابنُ القيّم -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
"ومن علاماتِ (صحَّةِ القلب):
أنهُ لا يزالُ يضربُ على صاحبه؛ حتى ينيبَ إلى الله، ويخبتَ إليه!
ويتعلَّقُ به تعلُّقَ المحبِّ المضطرِّ إلى محبوبه، الذي لا حياةَ له ولا فلاحَ ولا نعيمَ ولا سرورَ إلا برضاه، وقربه والأنس به!
فبهِ يطمئنّ، وإليه يسكن، وإليه يأوي، وبه يفرح، وعليه يتوكَّل، وبه يثق، وإيَّاه يرجو، وله يخاف.
فذكرهُ؛ قوّته وغذاؤه ومحبّته
والشوقُ إليه؛ حياته ونعيمه ولذّته وسروره،
والالتفاتُ إلى غيره والتعلق بسواه؛ داؤه،
والرجوعُ إليه؛ دواؤه،
فإذا حصل له ربُّهُ؛ سكن إليه، واطمأنَّ به،
وزالَ ذلك الاضطرابُ والقلق،
وانسدَّتْ تلك الفاقة،
فإنَّ في القلبِ فاقةً؛ لا يسدُّها شيء سوى الله تعالى، أبدًا!
 وفيه شعثٌ؛ لا يلمه غير الإقبال عليه!
وفيه مرضٌ؛ لا يشفيه غير الإخلاص له، وعبادته وحده!
فهو دائمًا يضربُ على صاحبهِ؛ حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده،
فحينئذٍ؛ يباشرُ روحَ الحياةِ، ويذوق طعمها،
ويصيرُ له حياةٌ أخرى غير حياةِ الغافلين المعرضين عن هذا الأمر الذي له خُلِقَ الخلق، ولأجله خُلقتِ الجنة والنار، وله أُرسلتْ الرسل، ونزلتِ الكتب.
ولو لم يكن جزاء إلا نفسُ وجوده؛ لكفى به جزاءً، وكفى بفوته حسرةً وعقوبة!" اهـ‍
"إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان"، (1/ 71)، ت: محمد حامد الفقي، مكتبة المعارف، الرياض.
السبت 11 ذو الحجّة 1438 هـ‍